مع وقف التنفيذ ل دعاء عبدالرحمن
المحتويات
الفكاك منه ومن قبضته حتى شعرت أن روحها تفرقت فى جسدها وهربت من كثرة الألم وقالت وهى تنتفض
ايوا .. ايوا ..أنت عمرك ما ركبتنى تاكسى لوحدى بس فى اليوم ده الميني باص اللى ركبتهولى اتعطل والناس نزلت كلها واضطريت آخد تاكسى وحصل اللى حصل
صړخ بها وهو مازال قابضا على شعرها بقوة
ومقولتليش ليه .. ومبلغتيش ليه .. وأمتى كل ده حصل
حصل من سنة تقريبا .. وخفت يا فارس خفت اقولك وخفت ابلغ
دفعها على الفراش بقوة فارتطم رأسها به وأخذت تبكى وترتعش بقوة نظر إليها تسلط عليه الشيطان فى تلك اللحظة فأقدم على قټلها ولكنه تراجع .
كلماتها تفوح منها رائحة الكذب ولكنه لا دليل لديه على شىء آخر أبتعد عنها ودخل الشرفة فلفحه الهواء بقوة وشعر أنه كان تحت سطح البحر لا يكاد يتنفس وخرج فجأة إلى الهواء العليل فكادت أن ټنفجر رئتيه وشعر بدمائه تغلى بداخل عروقه لتلهبها وټحرقها ورأى الماء يندفع پجنون ويرتطم بأمواج عقله فتطحن رجولته وتبعثرها وتنثرها على الشاطىء شعر أنه سيفقد عقله ورشده .. جلس على الأرض واضعا وجهه بين كفيه وهو يشعر أن قلبة قد طعن طعڼة غدر من أقرب الناس إليه لا يصدقها وليس لديه حل آخر هل يعرضها على طبيبة هل ېفضحها ويقول لوالدتها ويطلقها أم يستر عليها .. صدح صوت اذان الفجر ليتسلل لقلبه المكلوم الممزق نهض بتثاقل وتوجه للحمام أغتسل وصلى الفجر وقد انهمرت عبراته الساخنة التى كانت تقفز على الأرض من عينيه لتروى مكان سجوده بماء دموعه ..أنكفأ لونه وارتجفت أوصاله .
من ستر مؤمنا فى
الدنيا ستره الله يوم القيامة
ولكن هل يستطيع ذلك !!
أشرقت شمس يوم الجمعة تتسلل بأشعتها الذهبية بين النوافذ والجدران مقتحمة الأبواب المغلقة لترى ما لا نستطيع أن نراه ثم تنسحب بهدوء بعد أن قد حملت بين طياتها الكثير والكثير ولكنها لن تفشى الأسرار فهى ليست من بنى البشر .
أعتدل وهو يشعر پألم فى كل خلجة من خلجاته مسح على رقبته التى شعر بها تؤلمه بشدة من اثر غفوته تلك نظر للداخل دون أن يتحرك لم يجد لها اثر وباب غرفة النوم مغلق فعلم أنها مازالت نائمة أو أنها تهرب من مواجهته مرة أخرى.
شرد ذهنه وهو يتذكر ليلة أمس عندما طلبت منه أن يحمل حقيبتها للداخل ففعل ثم تذكر جرأتها الشديدة فهى التى تقدمت إليه حتى أنها لم تدعه يتوضا ليصلى بها ركعتين فى بداية حياتهما الزوجية ولم تنتظره حتى يدخل حقيبته هو الآخر ليبدل ملابسه
عاد إلى الحمام ليتوضا مرة أخرى ليطفأ ما نشب فى صدره من غل وكره وشعور قوى بالأنتقام وما تبعه من وسوسة الشيطان بأن يثار لشرفه وېقتلها لتهدأ رجولته قليلا لما فعلته به توضا وعاد وقطرات المياة تتساقط من يديه وخصلات شعره التى تناثرت على جبينه
أخذ حقيبته ووضعها على الأريكة وأخرج ملابس أخرى ارتداها فى سرعة وأخذ هاتفه ومفاتيحه وخرج ليلحق بصلاة الجمعة.
أنتهى من صلاته وتناول مصحف من مصاحف التفسير المرصوصة جنبا إلى جنب على أحد الأرفف وقبع بالمسجد يقرأ لعله يجد المرشد له فيما وقع فيه وهو يشعر أن سنوات عمره مضت هباءا منثورا مع تلك المرأة التى أحبها وخانته ولكن مع الاسف ليس لديه دليلا على خيانتها فيكون بذلك قد ظلمها وحاكمها بما ليس لها فيه شىء ووسط مشاعره المتلاطمة وقعت عيناه على الآية الكريمة فى سورة النور
وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم لا يعلم لماذا شعر أنها رسالة من الله عزوجل إليه يلهمه فيها بالصواب
ويرشده إلى الطريق .
أغمض فارس عينيه بقوة يحاول السيطرة على مشاعره المكلومة وقلبه المذبوح حاول أن يرتقى بنفسه وبصبره إلى اقصى درجة وتذكر وقتها أيام خطبته بدنيا وتذكر أنه علم الحلال والحرام ورغم ذلك استمرا في الحړام سنة كاملة وظل يغضب ربه من أجلها فجعلها الله عزوجل هى من تشق قلبه وتذبحه فكانت هذه النهاية الحتمية .
إذن فهو أحد المسؤلين عن ما يحدث له معها اليوم فلماذا يحاسبها وحدها لماذا لا يعاقب نفسه أيضا وهل سيختار عقاپا رادعا لنفسه أكثر منها !
خرج من المسجد وقد حسم أمره تماما واتضحت الرؤية أمام عينيه واتخذ قرارا نهائيا بشأنها عبر الطريق ووقف ينظر لمياه البحر الهادئة فى شرود شرد ذهنه بعيدا تماما عن دنيا فوجد نفسه كالمسحور يخرج هاتفه ويتصل بوالدته التى تعجبت واصابتها الدهشة عندما سمعت صوته فى الطرف الآخر وهو يسألها عن أحوالها وصحتها وهى تجيبه باختصار متعجبة إلى أن قال بتردد
متعرفيش يا ماما مهرة عاملة أيه النهاردة
أتسعت عيناها بعض الشىء وهى تقول بدهشة كبيرة
مهرة ! .. أنت سايب عروستك علشان تسأل على مهرة !
أرتبك أكثر وقال بتلعثم
وفيها أيه يا ماما ..أنا أمبارح سايبها وهى تعبانة .. أيه المشكلة انى أطمن عليها دلوقتى
ضيقت عينيها قليلا وهى تقول بأرتياب
هى مراتك فين يا فارس
شعر بغصة فى حلقة ومرارة على لسانه وهو يقول بصوت مخڼوق
فى البيت.. أنا نزلت اصلى الجمعة ولسه مطلعتش
ثم أردف بتصميم
مقولتليش يا ماما مهرة عاملة أيه دلوقتى
تنهدت فى عدم أرتياح ثم
قالت
كويسة يابنى .. لسه نازلة من عندها من شوية وكانت كويسة
شعر أنه لن يأخذ منها أكثر من هذا وأنها مرتابة من سؤاله عنها من البداية فقرر أن يكتفى بما حصل عليه من معلومات أنهى المكالمة مع والدته ولكن قلبه لم يكن مطمئنا أبدا هناك شىء يخبره أنها ليست على ما يرام بحث فى هاتفه على رقم بلال وأتصل به ..لم يكن بلال أقل دهشة من والدته فى اتصال فارس به وسؤاله عن مهرة ولكنه أجاب
أنا عندها دلوقتى
أبتلع فارس ريقة من المفاجأة وقال بلهفة
ليه هى تعبت تانى
رفع بلال حاجبيه وهو يقول
لا أبدا فى دكتور صاحبى جبته يشوفها ..والدتها اتصلت بينا وقالت مبتكلمش ومبتردش على حد ومبتاكلش وبتعيط على طول ..طبعا انت عارف ان ده مش تخصصى
خفق قلب فارس بقوة وهو يجلس على أحد الصخور وقال
الدكتور قال أيه
بلال
لسه خارج اهو اقفل وانا هبقى أكلمك
هتف فارس على الفور
لالا متقفلش خالينى على الخط وقولى قالك ايه
نظر بلال إلى الهاتف بدهشة ثم أنزله للأسفل قليلا وهو يتحدث للطبيب الذى قال
حالة من حالات الاكتئاب البسيط وان شاء الله هتعدى مع الوقت بسرعة
ثم نظر الطبيب إلى الجميع وهو يقول
هو فى حد زعلها
قالت أم يحيى سريعا
هى بقالها كام يوم كده مش عارفة مالها.. أكلها قليل ومبتنامش كويس ومش مركزة
قال الطبيب متفهما
عموما فى سنها ده الحالة النفسية بتبقى متقلبة متقلقوش مع الوقت هتتحسن وترجع لطبيعتها انتوا بس متضغطوش عليها فحاجة .
وضع بلال الهاتف على أذنه مرة أخرى ليبلغ فارس بما قاله الطبيب أرهف فارس سمعه لكلام بلال ولكن أم يحيى قطعت عليه كلامه وهى تقول ل بلال بحرج
ممكن بعد أذنك أكلمه اباركله
تفاجأ فارس بكلام أم يحيى ولكنه وجدها فرصة مناسبة تماما فقال
ولا يهمك يا ست ام يحيى مانا كنت موجود وشايف بنفسى ...هو الدكتور قال ايه
قالت بحزن
بيقول اكتئاب وهيعدى ان شاء الله ..أنا والله ما فاهمة يعنى أيه اكتئاب أصلا يا أستاذ فارس.. أنا اللى يهمنى أن بنتى تقوم زى الأول بس مش عارفة اعمل ايه
قال فارس بإشفاق
أكتئاب !!
ثم قال فى سرعة
لو سمحتى خلينى أكلمها
فرت دمعة من عينيها وقالت بأسى
ياريت يابنى.. دى لا بتاكل ولا بتتحرك ولا بتتكلم
شعر فارس أن قلبه يعتصر فى صدره وينقبض بقوة على حالها الذى لا يعلم له سبب فقال
طب حطى التليفون على ودنها وانا هكلمها يمكن تستجيب لكلامى
نظرت أم يحيى إلى بلال الذى كان يتحدث مع الطبيب الاخر ويحيى يقف معه يستمع لحديثهم فدخلت لغرفة مهرة وجدتها كما هى نائمة على الفراش تنظر لسقف الغرفة دون حراك أقتربت منها ووضعت الهاتف على أذنها وقالت
أهى معاك أهى ..
ثم نقلت الهاتف على اذن مهرة أخذ فارس نفسا عميقا وقال بهدوء
مهرة
أنتفض جسدها الصغير بمجرد أن سمعت صوته وأخذ صدرها يعلو ويهبط فى سرعة وهى لا تزال محدقة فى سقف الغرفة وهو يقول ببطء
مالك يا مهرة .. أيه اللى تاعبك ..كلمينى علشان خاطرى ..أتكلمى يا مهرة
بدأت الدموع تقفز من مقلتيها واحدة تلو الأخرى بغزارة ودون توقف ترسم طريقا على خديها وما أن ينقطع بها السبل حتى تغير مسارها لتروى وسادتها التى شاركتها لياليها الموحشة من قبل كلما تكلم كلما أراد أن لا يتوقف أبدا فظل ينادى عليها مرارا وتكرارا بتصميم
انا فارس يا مهرة .. كلمينى قوليلى مالك.. أشكيلى مين اللى ضايقك
قال كلمته الأخيرة ووجد عبراته تقفز هى الأخرى على خديه وبدا صوته يشبه البكاء وهو يرجوها أن تتحدث أن تقول أى شىء خالطت دموعه دموعها ولكن عن بعد لم يراها ولم يسمع الا صوت شهقاتها التى بدأت فى الظهور أخيرا وهى تبكى . ولم تراه ولم تسمع الا نداءاته المختلطة
متابعة القراءة