روايه ل ايه عبد الرحمن
1 الفصل الأول إلى العاشر
أعتدل جاسر في جلسته في اهتمام وهو يتفحص ملامح ابنه الأصغر ثم يقول في هدوء بتقول أيه يا علي. كرر كلامك تانى كده عاوز اتأكد!
علي بتلعثم بقول يا بابا بعد أذن حضرتك يعنى عاوز أتجوز أحلام بنت خالتى
ظهرت ملامح خيبة الأمل على وجه جاسر وهو يقول بدهشة أحلام بنت سميحة!
جفف علي عرقا وهميا براحته اليمنى وهو يومىء مؤكدا أيوه يا بابا. بنت خالتى سميحة.
أجاب علي بارتباك يا بابا والله أحلام بنت كويسة. وخالتى سميحة اتغيرت خالص
هتف جاسر پعنف بأمارة أيه بقى. بأمارة أمك اللى قطعت اختها بسبب تصرفاتها وموصيانى قبل ما ټموت أن محدش منكم يفكر في بنتها مجرد تفكير
أبتلع علي غصته وقلبه يخفق بقوة وهو يرى انفعال والده ونظراته الغاضبة الموجهة نحوه وقال مدافعا.
لم يستطع جاسر كتمان ثورة الڠضب التي نشبت في صدره أكثر من هذا أمسك الهاتف وضغط على عدة أرقام ثم وضع سماعة الهاتف على أذنه وتكلم إلى ولده الأكبر وكأنه ېصرخ
ايوه يا حسين. تعالى عندى هنا حالا وهات معاك أخوك ابراهيم. مش عاوز أسئلة. تكونوا عندى هنا في لمح البصر.
أشار جاسر إليهما أن يلحقا به للداخل حيث ينتظرهم علي أخيهم الأصغر وهما ينظران إليه بتساؤل وهو متوترا في انتظار تحديد مصيره. وقف جاسر بشموخ بين أبنائه الثلاثة وتوجه بالحديث الى ولده حسين قائلا
شوفت يا حسين أخوك الصغير عاوز يتجوز مين
نظر حسين نحو علي نظرة عتاب ثم أعاد النظر إلى والده مرة أخرى ولم يتكلم أستطاع جاسر قراءة نظرات ولده وما خلفها وفهم منها بأنه كان على علم بما يحدث من قبل فتكلم غاضبا.
قال حسين في ارتباك يا بابا والله انا حاولت معاه كتير. لكن واضح انه متمسك بيها. هعمله أيه طيب
توجه جاسر بالحديث إلى إبراهيم ابنه الأوسط وهو يقول منفعلا وانت كمان كنت عارف!
أطرق إبراهيم برأسه قائلا بخفوت أيوا يا بابا
صاح جاسر پغضب هادر و أنا آخر من يعلم يا ولاد جاسر
يا بابا انت عارف علي لما بيحط حاجة في دماغه. وبعدين انا قلت نسيبه يمكن يطلعها من دماغه. مكناش فاكرين انه مصمم عليها أوى كده
زفر علي متأففا وهو يشعر بهم يضيقون الخناق حول رغبته وقال بعناد وتصميم يا بابا بصراحة كده اللى بيحصل ده مالوش لازمة. أنا بحب أحلام وهتجوزها.
ضړب جاسر كفا بكف وهو يقترب منه ويقول بسخرية مريرة والله! وحبتها أمتى بقى. وهي بترقص في فرح اخوك وعيون الرجالة بتاكل في جسمها أكل وهي ولا هاممها
قاطعه علي بعصبية لو سمحت يا بابا كفاية. قولتلك أنهم اتغيروا. وبصراحة كده انا بحبها ومش هتجوز غيرها. جيت آخد موافقتك علشان مبقاش عملت حاجة من وراك
أنهى عبارته الأخيرة واستدار مغادرا بنزق وڠضب هوى جاسر فوق الأريكة بيأس وقال بحزن شديد.
هاتسيبوه يعمل اللى في دماغه. هاتسيبوا اخوكم يتجوزها
جلس بجواره ولديه عن يمينه وعن شماله وحاول إبراهيم أن يهدىء الموقف وهو يقول ما يمكن يا بابا زى ما بيقول كده أنهم اتغيروا. محدش عارف.
الټفت إليه جاسر وهو يقول في وهن شديد أمتى يابنى. أمتى اتغيروا هو انت مش لسه فرحك مكملش السنتين. وكلنا شوفنا البت وامها شاكلهم كان عامل ازاى. حضروا من غير دعوة وعملوا فيها اصحاب الفرح. وشوفنا كلنا هدومهم وكانوا عاملين ايه في روحهم. والبت طلعت وقعدت ترقص ولا همها حد ولا همها كسفتنا قدام الناس ولا نظر الرجالة ليها وكأنها رقاصة جايه تحيى الفرح.
وضع حسين كفه برقة على كتف والده قائلا يا بابا احنا خايفين عليك. أنت عارف علي هو الصغير وطول عمره مدلع وراسه ناشفة. وطالما قال عاوزها يبقى هيتجوزها حتى لو احنا رفضنا خلاص نخليها بجميلة بقى ونوافق. واهو يبقى تحت عنينا بدل ما يخرج عن طوعك ويبقى خسر الدنيا والآخرة.
حسين حسين
أنتبه حسين من ذكرياته على صوت زوجته عفاف قائلا بشرود هه بتقولى حاجة يا عفاف
أبتسمت عفاف بدهشة وقالت بقول حاجة! ده انا
بقالى ساعة بنده عليك وانت ولا انت هنا. أيه كل ده سرحان
أرسل حسين تنهيدة طويلة حارة وهو يعتدل في مجلسه ويقول محدثا أياها أفتكرت ابويا الله يرحمه. لما اتصل بينا وجابنا على ملا وشنا لما علي قاله أنه هيتجوز أحلام.
أرتفع حاجبيها بتعجب وقالت بشجن ياااه. ده انت روحت لبعيد أوى. فوق العشرين سنة
ثم شردت وهي تتابع بحنان كان ساعتها معانا عبد الرحمن ويوسف. ومكنش ساعتها لسه ربنا رزقنا البت فرحة
تنهد حسين بقوة للذكرى ثم قال فاكره يا عفاف. كان نفسى أوى يبقى عندى بنت واسميها فرحة
ابتسمت عفاف بسعادة وهي تقول و ربنا كرمنا بيها بعد يوسف بكام سنة. اللهم لك الحمد والشكر يارب.
ظل حسين يستعيد ذكرياته وهو يتابع قائلا كان ساعتها ابراهيم لسه متجوز بقاله سنتين. وكان وليد ابنه يدوب عنده سنة. وكانت لسه وفاء اخته في علم الغيب
استندت عفاف إلى راحة يدها وهي تتنهد وتقول سبحان الله. كأن الكلام ده كان لسه من كام يوم مش من سنين طويلة
عندما انهت كلمتها الأخيرة لمحت دمعة في عينيه تقاوم لتخرج ولكنه كبح جماحها في صبر فقالت
ادعيله بالرحمة يا حسين.
قال في حزن الله يرحمه. مش لو كان سمع كلامنا من الأول كان زمانه...
قالت عفاف مقاطعة استغفر ربك يا حسين ده قدر ونصيب. ربنا كتبله يتجوزها ويخلف منها تلات عيال
لمعت عينينه في عزيمة وأصرار وهو يقول هلاقيهم يا عفاف لازم الآقيهم. علي الله يرحمه وصانى ادور عليهم واجبهم هنا وسطنا في بيت العيلة. ومن ساعتها وانا بدور عليهم وان شاء الله هلاقيهم قريب. انا خلاص قربت اوصلهم.
2 الفصل الثاني
وقف عبد الرحمن أمام مكتب والده وطرق الباب بخفة ثم دخل وأغلق الباب خلفه نظر إليه والده قائلا
تعالى يا عبد الرحمن
دخل وجلس في مواجهته وقال خير يا حاج حسين بعتلى ليه
تسائل حسين ببساطة وهو يقلب الأوراق بين يديه مروحتش المطار النهاردة ليه
أجاب عبد الرحمن في ضجر يا بابا. يا بابا حرام كده بقالى سنيين بروح المطار وأطلع على كشوفات القدوم والمغادرة من مصر لما صاحبى زهق
مني وقالى أنت بتجيى مع القبض كل شهر ولا أيه
قال حسين بعصبية يعنى ايه زهق هو يعنى بيوريهالك ببلاش. وبعدين مالك مضايق كده. مبقتش عاوز تدور على ولاد عمك ولا أيه. أروح انا بنفسى
أطرق عبد الرحمن متململا في مقعده وهو يقول العفو يا بابا. بس كفاية كده. لو كانوا هينزلوا مصر كانوا نزلوا من زمان لكن طالما بقالهم سنين يبقوا استقروا خلاص
ضړب حسين المكتب أمامه بقبضة يده وهو يهتف في ولده بضيق انت ملكش دعوة. أعمل اللى بقولك عليه. تروح تطلع على الكشوفات بنفسك أنا مبثقش في صاحبك ده
حاول عبد الرحمن تهدئة الموقف قليلا وهو يقول حاضر يا بابا حاضر. هروح بكره الصبح على طول.
ثم نهض واقفا في سرعة وهو يقول بعد أذن حضرتك لازم اروح مكتبى علشان عندى شغل ضرورى
خرج عبد الرحمن في ضيق من مكتب والده وهو يزفر بشدة ألقى نظرة على هند التي تختلس النظر إليه من خلف شاشة الحاسوب ثم تعود وتكمل عملها مرة أخرى وقف في مواجهتها واتكأ على مكتبها وهو يقول
مش نخالينا في شغلنا ولا أيه
نظرت إليه قائلة بتفكه خاليك في حالك
أبتسم وقال طب هتتغدى معايا النهاردة
ضيقت بين حاجبيها قائلة لاء.
ثم تابعت هامسة ماما عامله محشى النهارده يجنن جبتلك معايا
نظر عبد الرحمن حوله وقال محشى! ينهار ابيض ده احنا ممكن نتقفش بيه ونروح في داهية. بصى لما ابويا ينزل رنى عليا اجيلك صاروخ استفرض بالمحشى ده لوحدى
قالت بدلال يعنى هتاكل لوحدك
قال بخفوت لا طبعا.
ثم غمز لها وتابع هبقى أديكى واحدة
أحمرت وجنتيها وقالت عيب كده يا عبدالرحمن أحنا لسه مخطوبين.
قال بخبث أنت فهمتى أيه. أنا قصدى أديكى واحدة محشى يعنى. نيتك وحشة على فكرة
نظرت له بغيظ فضحك وانصرف إلى مكتبه على الفور عندما دلف للداخل وجد يوسف جالس ينتظره وبمجرد أن رآه قال سريعا
أيه يا عم كنت فين بقالى ساعة مستنيك
قال عبد الرحمن ساخرا وهو يجلس خلف مكتبه ساعة أيه أنت هتفشر ده أنا مكلمتش ربع ساعة لخص عاوز أيه سايب مكتبك وجاى ترمى بلاك عليا ليه.
تصنع يوسف الحزن وهو يقول كده يا عبده. ده انا أخوك برضة
زفر عبد الرحمن وهو يهتف به اااه شكلنا مش هنخلص النهاردة. عاوز ايه يابنى خلص بدل فيلم الحرمان ده
سأله يوسف بفضول أبوك كان عاوزك ليه
نظر إليه في دهشة قائلا هو مفيش حاجة بتستخبى في الشركة دى أبدا. يا سيدى بيسألنى مروحتش المطار ليه الشهر ده
هتف يوسف بحنق يوووه هو لسه حاطط أمل في الحكاية دى.
حرك عبد الرحمن رأسه مؤكدا بسخط مش أمل وبس. دى أمل وعمر كمان
أبتسم يوسف وهو يغمز قائلا وطبعا انت مصدقت تروحله لما طلبك علشان تشوف هند
هتف عبد الرحمن على الفور بطلوا قر بقى.
مش احسن ماقعد فردانى زيك كده
قال يوسف بتهكم فردانى. سنجل. اهو احسن من الحريم وخلاص.
أخرج عبد الرحمن بعض الملفات من درج مكتبه وفتحها واحدا منها وهو يقول هتفضل طول عمرك معقد. اللى يشوفك كده يقول انك كنت بتحب وخدت بومبة
يوسف حب أية انا ماليش في الكلام ده. انا ماليش خلق على الستات أساسا
أومأ عبد الرحمن برأسه وهو يرفع عينيه عن الأوراق متابعا انت ملكش خلق على أى حاجة مؤنثة أصلا المهم انت كنت جاى ليه
يوسف ولا حاجة وليد ابن عمك كلمنى وعاوزنا نخرج شوية.
عاد عبد الرحمن يقلب أوراقه مجددا وهو يقول أخرج انت يا عم. انت فاضى انا عندى شغل كتير النهاردة
ثم أردف وهو يحرك رأسه متعجبا وهو يقول والله انا مش عارف انت مصاحب وليد ازاى. ده انت من سكه وهو من سكه. هو بېموت في الستات وانت بتكرههم عمى
قال يوسف مداعبا أيه هو من سكه وأنا من سكه دى هو طالب أيدى ولا أيه
قال كلمته وهوينهض ويهم بالأنصراف قائلا يالا سلام. أشوفك بالليل في البيت.
تنهد عبد الرحمن وهو يتناول قلمه قائلا سلام يا رايق
جاءت ساعة الراحة وانصرف العمال والموظفين للغذاء خرج الحاج حسين من مكتبه وهو يقول ل هند
ساعة وراجع يا هند
هند وهي تقف باحترام مع السلامة يا حاج
كاد يهم بالأنصراف ولكنه استدار فجأة وهو يقول وانت يا بنتى مش هتروحى تتغدى ولا أيه. لو وراكى شغل سيبيه لحد ما تتغدى وابقى كمليه بعدين
قالت هند بحرج لا أنا هتغدى بس. بس خمس دقايق كده.
أبتسم الحاج حسين وقد شعر بحرجها وقال طيب يا بنتى. السلام عليكم
وعليكم السلام
أخرجت هاتفها وهاتفت عبد الرحمن وأخبرته أن يأتى للغذاء معها في الحال حضر عبد الرحمن في سرعة فوجدها جالسة أمام الطاولة الموضوعة أمام مكتبها و عليها علبة متوسطة الحجم وتنتظره نظر عبد الرحمن إليها بشهية قائلا
الله الله من قبل ما آكل تسلم أيدك يا قمر
أشارت له بأن يجلس وهي تقول يالا بسرعة زمانه برد.
جلس أمامها مباشرة وأخذ يأكل في نهم شديد وهي تنظر إليه أنتبه عبد الرحمن إليها وأبتسم قائلا
وأنا أقول ليه كل مرة تعزمينى على الأكل بطنى توجعنى أتاريكى عينك فيه
قالت هند بتبرم يعنى ولا قلتلى كلى يا حبيبتى ولا حاجة خالص شفت المحشى نسيت الدنيا
قال عبد الرحمن وهو يأكل بشهية هنعزموكى في بيتك يا شابة. كلى كلى
نظرت إليه للحظات ثم قالت بدلال طب مش هتأكلنى بأيدك.
أطلق عبد الرحمن ضحكة عالية وهو يقول داعبا طب وانا آكل بأيه
نظرت له في حنق وهي تقول أنت مش رومانسى على فكرة
توقف عن الضحك ونظر إليها باهتمام قائلا ليه بس يا حبيبتى
تابعت هند حديثها وهي حائرة مش عارفة يا عبد الرحمن. أنا بحس أنك مش مهتم بيا خالص. يعنى مثلا أحنا لوحدنا دلوقتى المفروض تستغل الفرصة وتقولى كلام حلو لكن أنت نازل أكل كأنى مش موجودة.
ربت عبد الرحمن على معدته وكأنه لم يسمعها وهو يقول الحمد لله. والله الواحد كان جعان أوى
قامت هند في عصبية قائلة وكمان مش معبرنى
تنهد عبد الرحمن وتوجه إليها وقال هامسا متزعليش يا حبيبتى والله ما قصدى حاجة. كل الحكاية بس أنى بحترم أنى موجود في مكتب أبويا مش أكتر من كده
أستدارت هند وهي تقول متبرمة يا سلام هو انا طلبت منك حاجة وحشة.
مط شفتيه بعدم رضا وهو يقول شارحا لاء. بس أنا لو قلتلك الكلام اللى أنت عايزاه وأحنا لوحدنا كده. الموضوع ممكن يتطور
نظرت له بطرف عينيها وقالت بدلال وأنت بقى خاېف على نفسك ولا ايه
تعجب عبد الرحمن بشدة من عبارتها الأخيرة ولم تكن تعنى بالنسبة له إلا معنا واحدا. أنها لا تمانع!
فرحة. يا فرحة.
انتبهت فرحة لنداء والدتها فأغلقت الحاسوب وذهبت إليها مسرعة وهي تهتف بطفولية نعم يا مامتى. بتنادى
عفاف بتعملى أيه لوحدك كل ده
فرحة أبدا يا حبيبتى كنت بتشغل على الكمبيوتر شوية
زفرت عفاف بقوة ثم قالت يادى الكمبيوتر. هو أنت يا بنتى مفيش في حياتك غير الرسم. يأما على الورق يا أما على الكمبيوتر.
أطلقت فرحة تنهيدة ناعمة وهي تقول طب أعمل ايه بس يا ماما. منا ماليش أصحاب كتير ومش بحب أخرج